الأحد، 16 أغسطس 2020

كيف يعرقل النظام الغذائي الغربي التعافي من إصابات الدماغ؟

 شكّل الانفجار المروع الذي دمر مرفأ بيروت مؤخرًا، صدمةً كبيرةً للعالم؛ لشدة هول الدمار الذي شمل الحجر والبشر، إذ تحولت الأحياء القريبة من موقع الانفجار إلى ما يشبه ساحات الخردة، من كثرة الركام الذي تطاير من المنشآت.

تداعيات الانفجار لم تقتصر على القتلى والمصابين نتيجة الحطام المتطاير، لكنها تُعَد أيضً

إضافة شرح
ا مسببًا رئيسيًّا لحدوث أحد أنواع إصابة الدِّماغ الرَّضِّيَّة، وهي حالة مرضية تنتج عن قوة خارجية تُسلّط على الرأس وتؤذي الدماغ بطريقةٍ ما.

وتشكل إصابات الرأس المتكررة في الملاعب، وميادين القتال، بالإضافة إلى الانفجارات وحوادث الطرق، سببًا رئيسيًّا في حدوث إصابة الدِّماغ الرَّضِّيَّة (TBI)، التي تتفاوت من ضربةٍ خفيفة على الرَّأس مصحوبة بدُوار عابر، إلى تلف بالشرايين يؤثر على الدّماغ نتيجة التَّعرُّض لإصابة رضِّيَّة كبرى، كما تُعَد أحد أسباب الإصابة بمرض الباركنسون (الشلل الرعاش).

لكن هل يؤثر ما نأكله على سرعة التعافي من إصابات الدماغ الرضّية؟ سؤال أجابت عنه دراسة مرجعية أجراها باحثون من كلية الطب بالجامعة الأمريكية في بيروت، إذ توصلت إلى أن النظام الغذائي الغربي المشبع بالدهون والسكريات والكربوهيدرات، يمكن أن يعرقل فرص التعافي من إصابات الدماغ الرضّية التي تؤثر على 50 مليون شخص حول العالم، بتكلفة إجمالية للعلاج تصل إلى 400 مليار دولار أمريكي.

الدراسة التي نشرتها دورية "إي بيو ميديسين" (EBioMedicine)، رصدت الآليات الجزيئية الكامنة وراء الضرر الذي يصيب الأوعية الدموية والعصبية بعد إصابات الدماغ الخفيفة، نتيجة تناوُل نظام غذائي غير صحي، وفقًا لنتائج 140 بحثًا أُجري في هذا الشأن بين عامي 1974 و2019.

ووفق الدراسة، فإن مَن يتعرضون لإصابات الدماغ الرضّية، يتم إرسالهم إلى أقسام الطوارئ، وعند عدم ظهور أي علامات على وجود خلل عصبي لديهم، يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم بعد 24 ساعة من الملاحظة، على اعتبار أنهم قد تعافوا جزئيًّا.

لكن على المدى الطويل، فإن هذه الإصابات يمكن أن تسبب التهابات تؤدي إلى تلف الأعصاب الدماغية ولكن ببطء. وفي حال اتبع المرضى حميةً غذائيةً سيئة، مثل استهلاك كميات كبيرة من الدهون المشبعة والسكريات المكررة، فيما يُعرف بالنظام الغذائي الغربي (Western Diets)، ينتج عن ذلك تغيُّرات أيضية تؤدي إلى زيادة التهاب الأعصاب، وبالتالي يكون التأثير على الدماغ أسوأ.

يقول فراس قبيسي -الباحث بقسم الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي بالجامعة الأمريكية في بيروت، وأحد أعضاء فريق البحث- في تصريحات لـ"للعلم": ركزت الدراسة على تأثير نمط الغذاء الغربي على سرعة التعافي من إصابات الدماغ الرضّية. وينتشر نمط الغذاء الغربي الآن بقوة في عالمنا العربي؛ إذ يُقبِل الأشخاص بنهم على أطعمة مشبعة بالدهون والكربوهيدرات، مثل البيتزا والبيرجر.

وأوضح "قبيسي" أن "خطورة إصابات الدماغ لا تكمن فقط في الإصابات الظاهرية، كالتي تحدث نتيجة الحوادث والإصابة بشظايا الحروب؛ لأن هذه الجروح عادةً ما يتعامل معها الأطباء ويعالجونها، ويزيلون الأجزاء التالفة من الخلايا عبر الجراحة، لكن الآثار الخطيرة تشمل مَن يصابون بارتجاجات خفيفة، أو تأثيرات نتيجة وجودهم ولو على بُعد عدة كيلومترات من موقع انفجار ضخم كالذي حدث في لبنان".

وتابع: الارتجاج الخفيف الذي يحدث للمخ دون حدوث نزيف، يمكن ببساطة أن يؤثر على أنسجة المخ، وقد يقود إلى تلفها، وستكون له عواقب طويلة الأمد؛ بسبب التهاب الأعصاب دون أن يشعر الشخص، وفي حال أقبل هذا المصاب على الأطعمة الغربية، تتفاقم هذه التغيرات الالتهابية بسبب الاضطرابات الأيضية الناتجة عن اتباع نظام غذائي غير صحي، وتؤدي إلى آثار خطيرة على السلوك ووظائف الذاكرة.